عندما فقد عبد الله بن عباس عينيه ، وعرف أنه سيقضي ما بقي من عمره مكفوف البصر ، محبوساً وراء الظلمات عن رؤية الحياة والأحياء ، لم ينطوِ على نفسه ليندب حظه العاثر ، بل قبل القسمة المفروضة ثم أخذ يضيف إليها ما يهون المصاب ويبعث على الرضا فقال:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ** ففي لساني وقلبي منهما نورُ
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل ** وفي فمي صارم كالسيف مأثورُ
وقال "بشار بن برد" يرد على خصومه الذين نددوا بعماه:
وعيّرني الأعداء والعيب فيهمو** فليس بعار أن يقال ضريرُ
إذا أبصر المرء المروءة والتّقى**فإن عمى العينين ليس يضيرُ
رأيت العمى : أجراً وذخراً وعصمة ** وإني إلى تلك الثلاث فقيرُ
والآن انظر إلى الفرق بين كلام "ابن عباس" و "بشار" ، وبين ما قاله "صالح بن عبد القدوس"لما عمي :
على الدنيا السلام فما لشيخ ** ضرير العين في الدنيا نصيبُ
يموت المرء وهْو يُعَدّ حياً ** ويخلف ظنه الأمل الكذوبٌ
يمنيني الطبيب شفاء عيني ** وما غير الإله لها طبيبُ
إذا ما مات بعضك فابك بعضاً ** فإن البعض من بعض قريبُ
فتلقَّ المتاعب بروح متفائلة ، وتغلب على صعاب الحياة ، واصنع لك من الليمونة الحامضة شراباً حلواً...
المصدر : كتاب "جدد حياتك"